فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هامان: وزير فرعون، صرحا: أي قصرا عاليا، أطلع: أي أصعد وأرتقى، فنبذناهم: أي طرحناهم، أئمة: واحدهم إمام وهو من يقتدى به في الدين أو في الدنيا، يدعون إلى النار: أي إلى ما يوجبها من الكفر والمعاصي، لعنة: أي طردا من الرحمة، من المقبوحين: أي المخزيين، يقال قبحه اللّه: أي نحاه من كل خير، وقبحت وجهه وقبّحت بمعنى، قال الشاعر:
ألا قبح اللّه البراجم كلّها ** وقبّح يربوعا وقبّح دارما

الكتاب: هو التوراة، القرون الأولى: هم قوم نوح وهود وصالح، بصائر:
واحدها بصيرة، وهى نور القلب الذي يميز بين الحق والباطل.
الغربي: هو الجبل الغربي الذي وقع فيه الميقات وأعطى اللّه فيه ألواح التوراة لموسى، قضينا: أي عهدنا إليه وكلفناه أمرنا ونهينا، الأمر: أي أمر الرسالة، الشاهدين:
أي الحاضرين، فتطاول عليهم العمر: أي بعد الأمد، ونحوه {فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} ثاويا: أي مقيما. قال العجّاج:
فبات حيث يدخل الثّوىّ أي الضيف المقيم، أهل مدين: أي قوم شعيب عليه السلام، مصيبة: أي عذاب الدنيا والآخرة، ولولا الثانية بمعنى هلا وتفيد تمنى حصول ما بعدها والحث عليه.
الحق: أي الأمر الحق وهو القرآن، سحران: أي ما أوتيه موسى وما أوتيه محمد، تظاهرا: أي تعاونا وتناصرا، فإن لم يستجيبوا لك: أي فإن لم يفعلوا ما كلفتهم به، والتوصيل: ضم قطع الحبل بعضها إلى بعض قال شاعرهم:
فقل لبنى مروان ما بال ذمّتى ** بحبل ضعيف ما يزال يوصّل

والمراد به هنا إنزال القرآن منجّما مفرقا يتصل بعضه ببعض.
مسلمين: أي منقادين خاضعين للّه، يدرءون أي يدفعون، واللغو: ما حقه أن يلغى ويترك من العبث وسخف القول، سلام عليكم: أي سلام لكم مما أنتم فيه، لا نبتغى الجاهلين: أي لا نريد أن نكون من أهل السفه والجهل، فنجازيكم على باطلكم بباطل مثله.
الهداية: تارة يراد بها الدعوة والإرشاد إلى طريق الخير وهى التي أثبتها اللّه لرسوله في قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} وتارة يراد بها هداية التوفيق وشرح الصدر بقذف نور يحيا به القلب كما جاء في قوله: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُورًا} وهى بهذا المعنى نفيت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في هذه الآية، يجبى إليه: أي يجمع إليه، يقال جبى الماء في الحوض: أي جمعه، والجابية:
الحوض العظيم، والخطف: الانتزاع بسرعة ويراد به هنا الإخراج من البلاد.
بطرت: أي بغت وتجبرت ولم تحفظ حق اللّه، وأمّها: أكبرها وأعظمها، وهى قصبتها عاصمتها.
من المحضرين: أي الذين يحضرون للعذاب، وقد اشتهر ذلك في عرف القرآن كما قال: {لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} وقال: {إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} لأن في ذلك إشعارا بالتكليف والإلزام، ولا يليق ذلك بمجالس اللذات بل هو أشبه بمجالس المكاره والمضار.
حق: أي وجب وثبت، والقول: أي مدلول القول ومقتضاه وهو قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} والغواية: الضلال، والفعل غوى يغوى كضرب يضرب، فلم يستجيبوا لهم: أي فلم يجيبوا، عميت: أي خفيت، والأنباء: الحجج التي تنجيهم، ولا يتساءلون، أي لا يسأل بعضهم بعضا.
الخيرة والتخير: الاختيار باصطفاء بعض الأشياء وترك بعض، سبحان اللّه: أي تنزيها للّه أن ينازعه أحد في الاختيار، تكنّ: أي تخفى، ويعلنون: أي يظهرون، الحكم: القضاء النافذ في كل شيء دون مشاركة لغيره فيه.
أرأيتم: أي أخبرونى، والسرمد: الدائم المتصل قال طرفة:
لعمرك ما أمرى علىّ بغمّة ** نهارى ولا ليلى علىّ بسرمد

تسكنون فيه: أي تستقرون فيه من متاعب الأعمال.
ونزعنا: أي أحضرنا من قولهم: نزع فلان بحجة كذا إذا أحضرها وأخرجها، والشهيد: هو نبى الأمة يشهد عليها بما أجابته حين أرسل إليها، وضل: أي غاب.
فبغى عليهم: أي تكبّر وتجبر، والكنز: المال المدفون في باطن الأرض، والمراد به هنا المال المدّخر، ومفاتحه: أي خزائنه واحدها مفتح بفتح الميم وتنوء: من ناء به الحمل ينوء: إذا أثقله حتى أماله. قال ذو الرمة:
تنوء بأخراها فلأيا قيامها ** وتمشى الهوينى عن قريب فتبهر

والعصبة: الجماعة الكثيرة يتعصب بعضهم لبعض بلا تعيين عدد خاص، والقوة:
الشدة، لا تفرح: أي لا تبطر وتتمسك بالدنيا ولذاتها حتى تتلهى عن الآخرة، قال بيهس العذرى:
ولست بمفراح إذا الدهر سرّنى ** ولا جازع من صرفه المتقلّب

والدار الآخرة: أي ثواب اللّه بإنفاق المال فيما يوصل إلى مرضاته، على علم عندى: أي على حسن تصرف في المتاجر واكتساب الأموال.
الحظ: البخت والنصيب، العلم: هو علم الدين وما ينبغى أن يكون عليه المتقون، ويل: أصلها الدعاء بالهلاك، ثم استعملت في الزجر عن ترك ما لا يرتضى، وخسف المكان: أي غار في الأرض، وخسف اللّه به الأرض خسفا: غاب به فيها كما قال: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} وفئة: أي جماعة من المنتصرين.
أي الممتنعين عن عذابه، يقال: نصره من عدوه فانتصر: أي منعه منه فامتنع.
وي: كلمة يراد بها التندم والتعجب مما حصل، يقدر: أي يضيّق.
فرض عليك: أي أوجب عليك، ومعاد الرجل: بلده، لأنه يتصرف في البلاد ثم يعود إليه، ظهيرا: أي معينا، هالك: أي معدوم، وجهه: أي ذاته، الحكم:
أي القضاء النافذ. اهـ.
باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
سورة القصص وهي مكية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {طسم} آية 1 قال قتادة طسم اسم من أسماء القرآن.
2- ثم قال جل وعز: {تلك آيات الكتاب المبين} آية 2 أي المبين بركته وخيره والمبين الحق من الباطل والحلال من الحرام وقصص الأنبياء صلوات الله عليهم ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويقال أبان الشئ وبان وأبان اتضح.
3- ثم قال جل وعز: {نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق} آية 3 النبأ الخبر.
4- وقوله جل وعز: {إن فرعون علا في الأرض} آية 4 قال السدي أي تجبر.
5- ثم قال جل وعز: {وجعل أهلها شيعا} آية 4 قال مجاهد أي فرقهم قال السدي أي فرقهم في الأعمال القذرة وقال قتادة شيعا أي ذبح بعضهم واستحيا بعضهم وقتل بعضهم والشيع عند أهل اللغة جمع شيعة والشيعة الفرقة التي بعضها مساعد لبعض ومؤازر.
6- وقوله جل وعز: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} آية 5 يعني بني إسرائيل صلى الله عليه ونجعلهم أئمة أي ولاة ونجعلهم الوارثين أي الوارثين فرعون وملأه.
7- وقوله جل وعز: {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} آية 6 قال قتادة كان حاز لفرعون والحازي المنجم قال له إنه يولد في هذه السنة مولود يذهب بملكك فأمر فرعون بقتل الولدان في تلك السنة قال فذلك قول الله جل وعز: {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}.
8- وقوله جل وعز: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} آية 7 روى معمر عن قتادة قال قذف في نفسها وقيل هي رؤيا رأتها.
وقال غيره بل كان ضمانا من الله عز وجل قال أبو جعفر والوحي في اللغة إعلام في خفاء فلذلك جاز أن يقال للإلهام وحي كما قال تعالى وأوحى ربك إلى النحل وقال وإذ أوحيت إلى الحواريين والقول الثالث يدل على صحته قوله تعالى: {إنا رادوه إليك} وقوله جل وعز: {ولتعلم أن وعد الله حق} واليم البحر.
9- وقوله جل وعز: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} لما كان التقاطهم إياه يئول إلى هذا قيل التقطوه له كما يقال لمن كسب ماله فأوبقه أهل إنما كسبه ليهلكه وهذا مذهب الخليل وسيبويه ومن يرضى قوله من النحويين وهو كثير في كلام العرب.
10- وقوله جل وعز: {وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك} آية 9 هذا تمام الكلام والدليل على ذلك أنه في قراءة عبد الله بن مسعود وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرة عين لي ولك ومعنى قرة عين قرت عينه من القر وهو البرد أي لم تسخن بالبكاء وقيل قرت من قر في المكان أي لم تبك.
11- وقوله جل وعز: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} آية 10 قال أبو جعفر فيه أربعة أقوال منها:
أ- ما حدثنا أحمد بن محمد البراثي قال حدثنا عمرو بن الهيثم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال فرغ من كل شئ في الدنيا إلا من ذكر موسى صلى الله عليه وسلم.
ب- قال أبو جعفر وكذا قال ابن عباس وأبو عبيدة وأبو عمران الجوني والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك.
ج- وقال الكسائي فارغا أي ناسيا ذاهلا كما يقال لمن لم تقض حاجته فرغ وللميت قد فرغ وأنكر الكسائي أن يكون المعنى فارغا من كل شئ إلا من ذكر موسى وليس المعنى عليه وقال الأخفش سعيد {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} من الوحي إن كادت لتبدي به أي بالوحي وقال أبو عبيدة {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} أي من الحزن لما علمت أنه لم يغرق قال أبو جعفر أصح هذه الأقوال الأول والذين قالوه أعلم بكتاب الله جل وعز وإذا كان فارغا من كل شئ إلا من ذكر موسى فهو فارغ من الوحي وقولهم قد فرغ الميت من هذا أي فرغ مما يجب عليه أن بعلمه.
وقول أبي عبيدة {فارغا} من الغم غلط قبيح لأن بعده {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها}.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كادت تقول واإبناه حديث قال أبو جعفر ومعنى ربطنا شددنا وقوينا قال قتادة {لولا أن ربطنا على قلبها} أي ربطنا على قلبها بالإيمان.
12- وقوله جل وعز: {وقالت لأخته قصيه} آية 11 قال مجاهد أي اتبعي أثره وقال ابن عباس أي قصي أثره واطلبيه.
13- ثم قال جل وعز: {فبصرت به عن جنب} آية 11 قال مجاهد أي عن بعد ومنه الأجنبي قال الشاعر فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب والمعنى تبصرته من بعيد لئلا يفطنوا بها.
وقال أبو عمرو وقال بعض المفسرين {فبصرت به عن جنب} أي عن شوق قال وهي لغة الجذام يقولون جنبت إلى لقائك أي اشتقت ثم قال وهم لا يشعرون أي لا يشعرون أنها أخته.
14- ثم قال جل وعز: {وحرمنا عليه المراضع من قبل} آية 12 أي من قبل رده إلى أمه قال قتادة لم يكن يقبل ثديا فقالت أخته هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون قال السدي فاسترابوا عند بها لما قالت لهم وهم له ناصحون فقالت إنما أردت وهم للملك ناصحون فدلتهم على أمه فدفعوه إليها لترضعه لهم في حسبانهم فذلك قوله جل وعز: {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق} لقوله عز وجل: {إنا رادوه إليك}.
15- وقوله جل وعز: {ولما بلغ أش ده واستوى} آية 14 قال مجاهد عن ابن عباس وقتادة لما بلغ أشده أي ثلاثا وثلاثين سنة واستوى بلغ أربعين سنة قال أبو جعفر سيبويه يذهب إلى أن واحد الأشد شدة وقال الكسائي وبعض البصريين الواحد شد وقال أبو عبيدة لا واحد لها.